جاهل

الحياة كبيرة بالقدر الكافي لعدم استيعاب الإنسان إلا لأجزاء منها، وكلما أزدت علما أزدت جهلا. ذلك هو المدخل الذي يفتح أمامي حقيقة أنني جاهل، بأن العالم إلى الآن مازلت أكتشفه، مازلت أتبع إطار خبرتي المحدودة بفعل الزمان والمكان.

الكون فسيح، مُربك، مترامي الأحداث، ألوف الكتب تُطبع، مئات المخترعات، العلوم أسرع من الصوت، والفساد أسرع من الضوء، وأنا الضئيل.. لا أدرك فعلى، لا أدرك مدى جدية تحريكه للأمور.

ذات مرة كنت أستمع لبرنامج إذاعي سكندري أجرى معي، شعرت حينها أني شبه متلاشي الحجم بركن بعيد معتم، وأن الراديو الذي أسمعه شديد الضخامة وأنه مقارنة بالعالم كالنملة مقارنة بالديناصور والكون متسع يملأه الصراخ والضجيج ،الحب والكره، الموسيقى والقتل. ولا أحد غيري يسمعني. فهمت كيف هي علاقتي بالعالم ومدى ما أعانيه من جهل لمجرياته، وإحساس لحوح بأني منعزل مهما كنت واثقا من امتزاجي، مهما كنت أدعي المعرفة، فهناك ما لا تتسع مداركي أن تلم به.

طاقة

أتذكر نصيحة (أمل دنقل) حين قال (علموه الانحناء) فى قصيدته الشهيرة كلمات سبارتكوس الأخيرة

يلفت انتباهي أنه ولأول مرة في تاريخ البشرية يستطيع الحذاء أن يكون معلما، فها هو حذاء (منتظر الزايدى) يُعلم رئيس أقوى دول العالم الحديث الانحناء، هل هو حقا حدث يعيد الكرامة العربية؟، ربما نعطى الأمر أكبر من حجمه لكنه ساهم بلا شك في توجيه رسالة للعالم الغربي، أن العنف، والقهر، لا يوّلد إلا كرها وغيظا، سلمت يد هذا الشاب الذي أعلنها دون خوف، في لحظة صدق أن العالم يتكالب علينا كما تتكالب الأكلة على قصعتها، رصدت ردود أفعال الجميع، العامة والخاصة فاتفقوا جميعا حتى من جمل الصورة بحجج أنه تصرف غير أخلاقي أجمع على إنها صفعة قوية وجهت لكرامة أمريكا، حلم سكان العالم الثالث، دعونا نتفهم ما هي الطاقة التي حركت (منتظر)، أي قوة وعزم دفعوه لهذا التصرف، وأي ألم كان يغلفه. أنا حين رأيت هذا الشاب، رأيت الرغبة في الوجود، ورفض النكوص، رأيت الحب للجذور، والأمل في قهر الظلم والتطلع لعالم بلا عنصرية أو تعصب.

الدزمة أبن الدزمة

غير المحطة

انا عجبنى جدا جدا فكره مشروع (غير المحطة) لأنه مش من المنطقى أن كل المدونيين بيتكلموا بس عن المشاكل.. عن مصر البايظه والفساد اللى معشش فى حكامها والزيف اللى غرقانه فيه مؤسستها.. عن السجون، والمعتقلات، والدولة البوليسية اللى احنا طالع عنينا منها. المدونة بتاعتى لما قولت انى حبدأها على الرغم انى بدّون فى مدونة إطلالة من فتره كبيره، كنت حابب جدا انى اخليها مدونة للاحاسيس، المشاعر، ان كل ادراجه فيها ممكن اى حد يحس انها بتاعتو من غير ما ادخله لا فى سياسة ولا سواد، هو اه ممكن نتطرق للمواضيع دى لما يكون فى حاجات تستحق لكن حكاية عمال على بطال دى انا كارهها، وهو ده نفس السبب اللى بيخلينى اقول لكل المدونين فى كل حته لااااااااااااازم نغير المحطة، مصر وكمان احنا أكيد عندنا حاجات كتيييييييير حلوه.

لماذا برشامه!

البرشام كيان صغير جدا وفعال
البرشام بيشفى من الأوجاع
البرشام بيسكن الألم
البرشام له ألوان كتير وأنواع ملهاش عدد
البرشام بياخد مجهود لتصنيعه والتوصل له
البرشام ممكن كمان نغش منه الاجابات
البرشام حاله
حاله غير اعتياديه

الميلاد


لماذا يحب الإنسان التحدث عن نفسه؟.. لماذا دوما الذكريات القديمة تصبح ذات لحظة إحدى المحاور التي يدور حولها اهتمامه؟...
تلك كانت جدتي.. يخبرني أبى أنها من الأشراف، من أهل البيت النبوي، أتذكر موتها، كنت في المرحلة الثانوية، الغريب وعلى الرغم من حبي لها، من ذلك الطيب الذي ينبعث منها، لم تنزل دمعة واحدة من العيون عليها عندما حان الفراق، ربما لأنها لم تكن تحيا معنا في المنزل، ربما لحداثتي حينها بإدراك الكون والجاري بين أثيره. مثل اليوم منذ 27 عام كانت هذه الصورة في سبوعي يوم 11-12-1981 تحتضنني الجدة وكأني قطعة منها، فأبى هو أقرب الأبناء لقلبها على الرغم من أنه الأصغر، البسمة الغريبة في الصورة التي استبشر فيها بالحياة وبأن جدتي تحبني وبأنها تشملني بالرعاية، أنا الابن الوحيد في العائلة الكبيرة (14 عم لى) لذا سلك سبيل التعليم العالي، كانت دوما تغريني بهدايا ثمينة كي أتقدم في تعليمي، لازالت الساعة القيمة التي منحتها لي عند نحاجى في المرحلة الإعدادية لدي، أبى حين فارقت هي الحياة ظل صامتا، باهتا، ثم في المساء انهار وحملناه للمستشفى.
الصورة موحية، أبى لديه حب كبير لإبقاء اللحظات كأنها معاشة، كان مهتما حينها بالتقاط اللحظات، بتسجيلها عن طريق الصورة، وكنت أنا ولده الأول محور اهتمامه، لدى ألبومات لا حصر لها، ماذا كان ميلادي يمثله بالنسبة لجدتي، ثم بالنسبة لأبى وأمي، ثم ماذا شكل الميلاد بالنسبة لي؟؟ حكاية سأرويها قريبا........ـ


قريبا