المصريون.. تحليل مغاير لمباراة مغايرة

سؤال ألح عليّ حين تابعت مباراة مصر والبرازيل في بطولة القارات.. حين رأيت بعيني حجم الانتماء لهذا الوطن، المواطن البسيط، المثقف، المسئول، الطفل، النساء، والشيوخ.. كل الطوائف ألتفت حول الشاشة الفضية متابعين ما يحققه لاعبو بلدهم وفي عيونهم شغف مغلف بأمنيات النصر، ومشاعر يملأها الفخر بكونهم مصريين.

أفكاري عن الانتماء مموهة، لا أرتكز فيها على حقيقة صريحة، هل الانتماء لوطن فطرة فينا؟ هل نحب وطننا؟ هل مازال الانتماء إليه يستحوذ علينا؟، جميعنا فقدنا الثقة في كل الجاري حولنا، استسلمنا للفساد المحيط، للوقوع تحت ضغط لقمة العيش المشبعة بالذل، الرضوخ وطأطأة الرأس أمام قهر للطبقة العليا أصحاب الأموال والفيلات في "الساحل وشرم" في مقابل حروب وبلطجة فقط لمحاولات العيش بالكاد كآدميين. الزيف الغارقين فيه حتى المنتهى. ألاف الصنوف من الهوان مع كل طلعة شمس ظللنا نواجهها بمقولة (يا حيط دارينى) و (امشي سنه ولا تخطى قنا) حتى أبدلناها لمنطق (حد له شوق في حاجه يا ولاد الكلب يا جزم) و (يا روح ما بعدك روح) وفي تعاملنا الجديد هذا تشعر بحالة من اللامبالاة والضياع وعدم الاكتراث بالآتي أو الجاري.. وكأنه لا قادم (معادتش فارقة سينا من سونيا)....

حين المباراة كان الجميع مُلتف، فَرح، مُحلّق، يري في لاعبي منتخب مصر ما يتمناه في نفسه، كانوا يدنون به من أحاسيس تلاشت وسط ضجيج حياتنا، أحاسيس الجدية والعزيمة والقوة والنصر، رأيت في عيون كل مشاهد أنه يعيش مع تلك المباراة وكأنه وجد فيها تعويضا له عما يفتقد من مشاعر.

غريب هو الأمر، ألهذا الحد صرنا نتنشق على أية فرحة!، أي شعور ولو عابر يمنحنا أحساس بأننا ما نزال على قيد الحياة ولم نمت. هذا الشعب عاشق للحرية، عاشق للأمل ولكنه نسي أنه لا يبذل في مقابل عشقه هذا.

0 التعليقات: