محاولات للإبصار

المجموعة القصصية
محاولات للإبصار
دار الدار - 2009
الظهر


سؤال ألح عليّ حين تابعت مباراة مصر والبرازيل في بطولة القارات.. حين رأيت بعيني حجم الانتماء لهذا الوطن، المواطن البسيط، المثقف، المسئول، الطفل، النساء، والشيوخ.. كل الطوائف ألتفت حول الشاشة الفضية متابعين ما يحققه لاعبو بلدهم وفي عيونهم شغف مغلف بأمنيات النصر، ومشاعر يملأها الفخر بكونهم مصريين.

أفكاري عن الانتماء مموهة، لا أرتكز فيها على حقيقة صريحة، هل الانتماء لوطن فطرة فينا؟ هل نحب وطننا؟ هل مازال الانتماء إليه يستحوذ علينا؟، جميعنا فقدنا الثقة في كل الجاري حولنا، استسلمنا للفساد المحيط، للوقوع تحت ضغط لقمة العيش المشبعة بالذل، الرضوخ وطأطأة الرأس أمام قهر للطبقة العليا أصحاب الأموال والفيلات في "الساحل وشرم" في مقابل حروب وبلطجة فقط لمحاولات العيش بالكاد كآدميين. الزيف الغارقين فيه حتى المنتهى. ألاف الصنوف من الهوان مع كل طلعة شمس ظللنا نواجهها بمقولة (يا حيط دارينى) و (امشي سنه ولا تخطى قنا) حتى أبدلناها لمنطق (حد له شوق في حاجه يا ولاد الكلب يا جزم) و (يا روح ما بعدك روح) وفي تعاملنا الجديد هذا تشعر بحالة من اللامبالاة والضياع وعدم الاكتراث بالآتي أو الجاري.. وكأنه لا قادم (معادتش فارقة سينا من سونيا)....

حين المباراة كان الجميع مُلتف، فَرح، مُحلّق، يري في لاعبي منتخب مصر ما يتمناه في نفسه، كانوا يدنون به من أحاسيس تلاشت وسط ضجيج حياتنا، أحاسيس الجدية والعزيمة والقوة والنصر، رأيت في عيون كل مشاهد أنه يعيش مع تلك المباراة وكأنه وجد فيها تعويضا له عما يفتقد من مشاعر.

غريب هو الأمر، ألهذا الحد صرنا نتنشق على أية فرحة!، أي شعور ولو عابر يمنحنا أحساس بأننا ما نزال على قيد الحياة ولم نمت. هذا الشعب عاشق للحرية، عاشق للأمل ولكنه نسي أنه لا يبذل في مقابل عشقه هذا.

مرور مرير


لطفاً.. إن كنت حزيناً، مكتئباً، (متضايق شويه) فلا تقدم على قراءة هذه الكلمات...
الزمن شيء هادئ، رقراق، يتسرب من بين يدينا في نعومة ورقة. ونحن بشر، والبشر اعتدناه لا يدرك أهمية ما في يده إلا بعدما ينقضي ويفوت، فكيف لنا إذا أن نعي أهمية الزمن ونحن داخل دائرته ندور؟...ـ
أدركت أنا المتورط (وسيم المغربي) ذات صباح سكندري أني مازلت استيقظ كل يوم أغسل وجهي وأرتدي ملبسي وأذهب إلى العمل الذي يقتطع منى في كل صباح قطعة وبأني بلغت من الكبر عتيا، عقدين وسبع سنوات، ربما يسخر البعض بأني مازلت صغير السن في حين أنه في مرحلة سنية أصغر من ذلك قام العديد من الأدباء بكتابة نصوص بقت في ذاكرة العالم، وابتكر علماء شباب أشياء فذة، وأكتشف العباقرة منهم نظريات ورؤى غيرت مجرى التاريخ. هكذا يمر الزمن.. يسافر الأصدقاء، البعض يهجر الأرض باحثا عن أرض جديد، آخرون يتزوجون، غيرهم تدهسه ساعات العمل الأثنى عشر، يتركون المحابر والأقلام يكسرونها، يتساقط من حولك عشرات، مئات، هم وأنت في ذات الحلبة تُصرعون من أجل البقاء وعنق الزجاجة البعيد تشاهده في قمة رعبك لأن الوقت يمر والساعة لا تتوقف بموت أحد أو انزواء آحاد. تُرى هل بعد حين تأكل الحياة كتفي؟ وتصبح طموحاتي في دنيا الكتابة وهّم حين أوضع في اختبار جدي؟ حين تزيد في الحياة أعوامي، وأظل كما أنا، لا جديد في عيشتي. القلم لا يقبل شريكاً في ظني، العمل شريك، الحب شريك، الزواج شريك، كلهم يرفضون أن يصبحوا معا في ذات السكن. كم علاقة الإنسان بالعالم متشابكة، مأزومة طيلة بقاء الهواء بصدره.
الحياة انتهكت طفل صغير كان يمارس ألعابه في حب وألقته في بؤرة صراع مع هلام اسمه الزمن، طواحين الهواء أقل وطأً منه. ماذا تحمل لك دقة الساعة القادمة؟

كلاكيت عن البوستر



حاتم عرفه.. الشاب الحالم، الغض، الطائر فوق السحاب والذي أفخر أنه أحدى أبنائي الإطلاليين رغم أن الفارق العمري بيننا قد لا يتخطى الأعوام السبع.. غلاف كتابي الأول الصادر عن دار نشر محترمه آتى ذكرها في حينه هو الغلاف الأول الذي يصممه حاتم لهذه الدار.. بالصدفة تتعارض خطتي لتنفيذ غلاف كتابي مع امتحانات حاتم في الكلية.. (أنا لو فشلت فى الامتحانات المره دى حيبقى ذنبى فى رقبتك) قال يعنى فشله قبل كده كان بسببي!!.. المهم كدنا نختلف على اليوم الذي سنجلس فيه سويا لتصميم الغلاف والذي قد يؤدى لخلل في تنفيذ كتابي.. واتفقنا على أن (نقعد قعده) يوم 15-1-2009 وقد كان...

أثنين قهوة زيادة حليب وقطعتين هريسة ذره نبدأ بهم التصميم مع دقات الساعة الخامسة وفى تمام الثانية بعد منتصف الليل ينزل حاتم من منزلي في بحري وقد أنهى تصميم الغلاف والبوستر بعد أن نز أخر قطرة إبداع فى مخيلته، اعتصرته فأخرجت منه تصميمات رائعة.. ومن ثم بدأت مهمتى.. طيرت إلى الهاتف لأخاطب المختصين بدار النشر ليطبعوا لى البوستر حتى يتثنى لى عرضه بمعرض الكتاب لكن لظروف انضغاطهم كان من المستحيل ان يقومون بطباعته، ولمعرفتى بأغلب أمور الطباعة لأنى كنت مشرفا على كتب إطلالة قررت طباعة البوستر فى نفس المطبعة التى اتعامل معها. سلمت صاحب المطبعة البوستر يوم الأربعاء واتفقت معه على استلامه يوم السبت مساء لأنى سأسافر للقاهرة الأثنين و(دفعت عربون 200جنيه) يوم السبت السابعه اتصلت بالرجل لأخبره بقدومى، قال (ساعه كده وكلمنى يا باشا) مرت ساعه وكلمته، لجلجه، لعثمه، صمت، (لسه الشغل مخلصش.. تستلمه الاثنين) أنفجرت (كلااااااااااااااااا) بعد زعيق قالى (على الساعه 10 تستلم، روح على المطبعه) وذهبت الصنايعيه قالولى حنبدأ فيه بكر (a7a) اتفقت معهم على استلام البوستر الاحد ليلا، مشيت حتى المنشيه على رجلى (1كم) يتصل صاحب المطبعه ويسألنى (استلمت)!!!!!!!!!!! رويت له فقال (ارجع تانى زمانهم خلصوه) رجعت وكانت الساعه 11 انتهوا من البوستر 12.30 وانا (مرصرص فى الشارع من الساقعه) ولكن تمت المهمه الاولى.

قلمى ودموعى وابتساماتى

برقية

قلمى العزيز. أبعث إليك ببرقية تهنئة بقرب صدور وليدك الأول للحياة، حبك الأكبر وتعبيرك عن مساحات وجودك فوق خريطة الكون.

مقطع من مذكراتى

....... خائف أنا من أن أخطو خطوة نحو تحقيق ما أريد ولا أصل إلى العتبات التى أرغبها وبذلت من أجلها كل المساعي.

خارج ما فات1

يقلقنى كثيرا حين أقرأ كتاب يعجبنى ولا أجد ما يدلنى على هوية الكاتب أو أى معلومات عنه غير اسمه، وأجن حينها، تدور بذهني أسئلة عنه وأتمنى أن أعرفه، ربما لأنى حين قرأته توقفت للحظه لأقول (أبن الكلب.. لعبها إزاى دى!!). هل أضع كلمة عنى فى مجموعتى حين الصدرو.. سؤال عويص.

خارج ما فات2

الإهداء.. الغلاف.. اختيار دار النشر.. التوزيع.. الدعاية....
هو مش المفروض دورى ككاتب انى أكتب بس؟!!!ـ
تعليق أخير

"سأدون تباعاً كيف وما هى الأحداث التى مرت وتمر بى حتى أسمع صراخ الكتاب/الواد وهو يقول (واااااااااااااااااااء)".ـ

غزه.. عرب

القضية الفلسطينية.. الهم الذي يحمله عالمنا العربي والإسلامي منذ ستة عقود زمنية، ما زلنا إلى الآن نتحدث عنها، تلوكوها أفواهنا، نعلن سخطنا، ضجرنا، رفضنا للأوضاع الراهنة، ونعود لنشجب وندين ونندد، دون حراك لا منا ولا من المجتمع العربي أو الدولي.

لا يمر شهر والثاني حتى تهل علينا تباشير الحرب المُصغرة الواقعة في الأراضي المحتلة هنا أو هناك.. حماس وفتح والسلطة الفلسطينية في تركيبة معقدة لأناس فقدوا التصالح مع ذواتهم وحولوا مساحة التآخي لمساحة من الصراع على السلطة والانشقاق. الأمر العبثي هو أن أغلب قادة حماس بعيدون تماما عن أرض المعركة يمارسون أفعال القول من شجب وتنديد من داخل الأراضي اللبنانية!!.. والناس في كل مكان تزعق (بروح بالدم نفديكي يا فلسطين) وتغمس أعلام إسرائيل وأمريكا في (الجاز) وتمارس طقوس الحرق!.. نوع من التأكيد على العجز الكامن فينا والخوف من الفعل والارتكان لخانة القول.. القول والقول ثم التأكيد على القول. فكيف لنا أن نهزم عدوا أقوى منا، ولا نملك ضده إلا الحجارة والفساد والإحباط والفقر والعوز والتناحر على الرخيص ونظل بعيدين عن مناطق الروح والإيمان ونطالب بالحل، ناسين أن الحل فينا ومنا، أن نتراحم ونتحاب، الأب والابن، العامل والرئيس ولكننا ننسى إصلاح أنفسنا في مقابل حلمنا الساذج لإصلاح العالم حولنا. بالله كيف يتأتى لنا هذا؟!..

العرب وربما العالم يحملون مصر مسئولية ما يحدث في (غزه) منادين بفتح المعابر، ومدعين بما لا يصدق قلوبهم بأن مصر (الشقيقة الكبرى للوطن العربي) متناسين أدوارهم، تماما كالطالب الفاشل الذي لم يذاكر وكان يعتمد على أن مدرسه سيمنحه الدرجة النهائية لمجرد أنه يعرف والده وجيران. منتهى اللامبالاة.. أوطان تبيع أرضها للأمريكان وتنتهك داخليا وخارجيا كل حين ثم المسئول عن كل هذا اللغط هو نحن (مصر) اليمن التي راح أبناء وطننا فداء لهم يحاولون اقتحام سفارتنا هناك ورفع علم فلسطين عليها!.. الفلسطينيين اللذين كثيرا وما نزال مدافعين عنهم هم من باع أرضه في أوائل القرن الماضي لليهود وملكوهم أراضيهم بالمال، وهاجر الألوف منهم هربا من الحرب لتدافع الشقيقة الكبرى عن أراضيهم ووطنهم بدمائنا. أنا لست مع الفرقة العربية ولكن مع أن نضع الأمور في مسارها بان مسئولية ما يحدث هو تراخينا عن أخذ أسباب التقدم والقيادة والقوة والاعتراف بأننا كلنا عربا ومسلمين في كل أنحاء الأرض مشاركين في حل المسألة وليست مصر هي مفتاح الجنة وحل أعقد قضايا الكون. مصر ليس لديها الحل حتى وإن فتحت المعابر وتسببت بهذا في تنفيذ بعض أغراض الصهاينة وربما حماس. المفتاح في أن نفيق من كبوتنا الحضارية ونتعلم من العالم أفضل ما فيه وأن نعد لهم ما نستطيع من قوة ونرد بأيدينا لا بأيدي غيرنا. ونتحاب وننسى أن السلطة زائلة والحق باق.

جاهل

الحياة كبيرة بالقدر الكافي لعدم استيعاب الإنسان إلا لأجزاء منها، وكلما أزدت علما أزدت جهلا. ذلك هو المدخل الذي يفتح أمامي حقيقة أنني جاهل، بأن العالم إلى الآن مازلت أكتشفه، مازلت أتبع إطار خبرتي المحدودة بفعل الزمان والمكان.

الكون فسيح، مُربك، مترامي الأحداث، ألوف الكتب تُطبع، مئات المخترعات، العلوم أسرع من الصوت، والفساد أسرع من الضوء، وأنا الضئيل.. لا أدرك فعلى، لا أدرك مدى جدية تحريكه للأمور.

ذات مرة كنت أستمع لبرنامج إذاعي سكندري أجرى معي، شعرت حينها أني شبه متلاشي الحجم بركن بعيد معتم، وأن الراديو الذي أسمعه شديد الضخامة وأنه مقارنة بالعالم كالنملة مقارنة بالديناصور والكون متسع يملأه الصراخ والضجيج ،الحب والكره، الموسيقى والقتل. ولا أحد غيري يسمعني. فهمت كيف هي علاقتي بالعالم ومدى ما أعانيه من جهل لمجرياته، وإحساس لحوح بأني منعزل مهما كنت واثقا من امتزاجي، مهما كنت أدعي المعرفة، فهناك ما لا تتسع مداركي أن تلم به.